ميت بعدها
يا صديقي لـمنْ اشتكي صدَها
أننّي عائشٌ ميتٌ بعدَها
لستُ ادري لما طال هجرانها
يا بساط الزمان ارمني عندها
علّها بالّذي ضائعٌ ترأفُ
منذُ عام أنا ارتجي ودَها
يا يداي التّي سطّرتْ أوجعاً
كمْ وكمْ هاتفي يشتهي ردَّها
ويحها ما بها قدْ قسى قلبُها
أنّ روحي تكدْ تختنقْ وحدَها
رائعٌ طاهرٌ كان ما بيننا
يا تراها لما قدْ نستْ عهدَها
لم يكنْ ذلك الصدُّ من طبعِها
لا ولا مرةً أخلفتْ وعدَها
عوّدتني على أنْ جلسنا معا
أن يكنْ إصبعي معتلٍ خدَها
عندَ جذعِ السّرو ذكرياتٌ لنا
طالما كانَ يحلو لنا سردَها
والمسا شاهدٌ عن مواعيدنا
أنْ سألتيه كم مرةً عدَّها
لا كؤوسٍ ولا اللهو معْ غيرها
قادرٌ أن ينسي فمي شهدَها
ليس لي في النّسا رغبةٌ بعدَكِ
آهِ كمْ غربتي جاوزتْ حدَّها
فارحمي واحداً ماتَ شوقاً على
نظرةٍ راضيٌ أن يمتْ بعدَها
كابوس
سأظل من الأفضل افضل
وأظل من الأجمل اجمل
فاندثري بتراب الماضي
فأنا الحاضر والمستقبل
لا تنتظري فرصاً اخرى
وليفعل قلبك ما يفعل
لن أهدر أيامي عبثا
سألملم عشقي وسأرحل
وسأطرد وجهكِ من عيني
وأزيل من القلب الدمل
أحضاني لن ترجع يوماً
لتعانق حضناً مستعمل
يا أمكر ثعلبة كلا
لا يشوى الصقر ولا يؤكل
أظننت بأني درويشٌ
وبأني طفلٌ ومغفل
سأعيد زهور البستان
وسأقلع اشجار الحنظل
وسأسكب خمر النسيان
في كأس الأشعار وأثمل
وسأصحو بعدكِ من نومي
وسأفتح شباكي المقفل
وأقول صباح الخير لمن
تنتظر قدومي في الأسفل
وستسألني عن تأخيري
عامٌ سافرت ولم تسأل
وسأخبرها عن كابوس
ازعجني عاماً ثمّ رحل
وسأحضنها وأقول لها
معذرة يا حبي الأول
أمي
مـعــاذ الـلّـه أن أجــدا
فمثـلـكِ بـعـدُ ما وجـدا
فـمـن بـلـدٍ إلـى بــلــدٍ
بحثتُ فـلم أجـد أحـدا
يـساوي ظُـفـرَ إصـبعـَكِ
أيــا أمــي ولــن أجــدا
عـطائـكِ يـا مـعـلّـمـتـي
قـطـارٌ لـن يـقـفْ أبــدا
يــداكِ لأنّـهــا شــهــدٌ
عليكِ الزهـرُ قـد حـقـدا
ولا شــمــسٌ ولا قــمــرٌ
أمـام ضــيـاؤِكِ صــمــدا
وسيف القهرِ حيـن رأى
شموخَكِ خابَ فانـغمـدا
بفـضل رضـاكِ قد صـرتُ
لبيبَ الـفكرِ مـجـتـهـدا
ومـن بــركــاتِ دعـوتـِكِ
حـياتي أصـبـحتْ رغـدا
أنـا يــا نــورُ عــيــنــيَّ
بـدونـِكِ أشتكي الـرمـدا
فـأنـتِ الـحضنُ والـدفءُ
بقربــِكِ حزنيَّ ابـتـعـدا
فــلا قـلـبٌ بـطــيـبـتـِكِ
وابـيـضُ من يـديـكِ يـدا
أنــا لـــولاكِ عــن ربــّي
لـعـشـتُ العمرَ مبـتـعـدا
فــيــا أمــي إذا عــمـري
يـزيــدُ بـعـمـرِكِ الـعددا
خذي ما شئتِ مـن عمري
خذي الأنفاسَ والـجسـدا
ولــكـنْ..كــلــّنـا فــــانٍ
ولـيس هـناكَ مـن خـلـدا
فــهــذهْ ســنــةُ الــلّـــهِ
نمـوت لكـي نـعـشْ أبـدا
سـألـتُ الـلّـهَ يـجـمعُـنـا
بـجـنـتـهِ الـتـّي وعـــدا
ذكرى عريب:
أشد من الحرورعلى الرطيبِ = مرور الذكريات على الغريبِ
تهب عليه من روح الخوالي = إلى روحٍ ملازمة النحيبِ
فتتحدان ذاتاً بعد لأيٍ = برغم اليأس والدمع الصبيب
فلا وسعتك يا قلب الأماني = ولا وسعتك يا حرفي دروبي
وذلك حين يتقد التجلي = ويعصفك الهوى عصف الجنوبِ
تدلل:
تدللْ ؛ فأعناق القطا تتدللُ = تدلل ؛ فليل الصيف لا يتمهلُ
و دُرْ في المراقي نجمة بل فراشة = إلى غير نور، أنت في العتم أجملُ
أنازع فيك الشعر، ليت قصيدة = أحمِّلها قلبي إليك فتحملُ
أخاف على كنه الليالي إذا سرت = نواياي بالعتبي إلى حيث تجهلُ
أخاف علينا، ينقضي السهد كله = ولم أر في جفنيك ما أتأملُ
حب طروادي:
قريبٌ ، كما الحلي من زندِها
بعيدٌ ، كما الخوض في بُعدها
أُطـلُّ وفـي مـقـلتـيَّ انـطـفــاء
فـــتـحــتـرقـان عـلـى خــدها
وقبل بلوغ الندى شفة الزهـ
ـرِ يهرع وجدي إلى وجدِها
إذا أرسلتْ لِيَ تـفاحة الخلـ
ـدِ ، والبين أقرب من خُلدِها
أطيـع الـرغائـب في أخـذها
وأعصي البصائر في ردِّها
تَـسنمتُ سـارية الخـالدين
فـأبـصـرت أبـعد من مَدِّها
إذا قلت في العشق سفسطة
تـثـوب أثـيـنـا إلى رشـدِهــا
سـأعلـن قـلـبــيَ (طــروادة)
وأدعـو هـواكِ إلـى وِردِهــا
حــصـانـا يـخبِّـئُ أســطورة
سـيبتدع الشعر في سردِهـا
جرح على جرح:
جــرحٌ على جــرحٍ حـنـانـك غـزةُ *** أيـن العـروبة أين تلك العزةُ؟
ما إن خـلـعـتِ ثـياب جرحٍ أخضر *** إلا كستكِ من الفـجـيـعة بِـزةُ
هيهات أخت النـيـل كـيـف تفرقت *** بعد اجتماع الأهل تلك الحوزةُ
وكأنـما نـسـي الـقـريـب-أخـيـتي- *** ما كان يصنع خالدٌ أو حمزةُ
ضجة الدم:
هي ضجة الدم في مقام الصمت تبحث عن رجال
ما زال يوقظها هنا
-في غزة-
شبق العروق إلى مخامرة الرمال
ها نزوة أخرى
وجام الفجر يُملأ من حنايا البرتقال
ها حفلة أخرى
وذات الملبس الخمريِّ ترقص من جديد
في مرايا الآيسين من الوصال
بنات الدهر وبنات الإنس:
حيال بنات الدهر لا نطلب العونا *** وعـند بنات الإنس نستنــصر الجـٌنا
فـذي قد نجـلـَّيها بـأنس فـنكـتـري *** وتــلـك فـلا أنــسٌ يـُـصـرِّفـهـا عــنا
يلجن رتاج الحلم من غير طَرقها *** وأحرى بمن قد زار أن يسأل الإذنا
نود انصراف الليل من حيث بعضنا**يرى الشمس عينا سوف تحرمه الأمنا
فـلا صبحنا بالكاشف الرزء إن بدا** ولا لـيـلـنا بـالـسـاتـر الـصـب إن جنَّا
الدواهي
لا يرع قلَبك اضطرام الشفاهِ
واحذر النجل إنهن الدواهي
أي كهفين من منى ومنايا
في رياض الخدود دون الجباهِ؟
إن عمدنا الورود ما من صدور
أو سهونا فـاي أمن لساه ؟
هن من ينثرن القلوب دماء
في المراثي, ولؤلؤا في الملاهي
كم فؤاد ملأنه وهو خِلوٌ ؟
و شباب شغلنه وهو لاه
وتيبعٍ قتلنه في الزوايا
ورفيع وضعنه بعد جاه ؟
وعزيز سقينه جام ذلٍ
وتردى لهن كم عرش شاه؟
تستحيل الأقمار فيهن سودا
واللياليُّ مثل لون المياه
وعلى الباب حزمة من سياط
أي ناه لنا بها أي ناه ؟
جعلتني في حيرتي اتلظى
وأناديها بين آه وأه
لم يزل عاريا لديك سؤالي
ألبسيه الجواب يغدو المباهي
هل خلقتن من نعيم مقيم؟
أم خلقتن من عقاب الإلهِ ؟
وما زلت انتظر الجواب
شوق على ضفة العيد:
قف بالفيافي ووجه الأرض مجرودُ
ونـاد في جوفـها أين الأنـاشـيدُ؟
أيـن المرابع لا طيـر يـزق بـها ؟
أين المحافل؟ لا نايٌ ولا عودُ
أين الخليل وسكرى من سنابلها ؟
بما تـديـر عليـهـن العـناقيــدُ
يَمِسْنَ في جذلٍ والشمس غافية
خلف السفوح وجفن الصبح معقودُ
سوى الطيوف وأجفان الصبابة, لا
يرجى الدليل ولا تُرجى المواعيدُ
شهرزاد في الليلة الألف:
لقد صرخت بك الصفحات فلتقرأ متونك من حواشيها
فليس بحاجة كي يقلب الأوراق قاريها
وقد عكفت عليها الريح تنشرها وتطويها
أساطير تراوح بل حقائق تطرح الألباب في خبل
أقسمها على الساعات في ملل
وتسردها لي الأدراس في طلل
أتلك القرية الموشوم في ذهني نواحيها
تمد ذراعها لتعانق الليل الذي زحفا
فراحت تشرع الأبواب والشرفا
تمهد دونه الدربا
على مهل وينسرب
وحتى البوم يبحث في مداخنها عن الدفء الذي نضبا
فقد أضحى لها أهلا
غداة تبدلت خربا
أجل خربا
أسير على طرائقها فتنكرني وأعرفها
وتحجبني فأكشفها
فيا لهفي لمن لم يمتلك سهما بقرعتهم
وراء زقاقها الخافي
ويا لهفي لمن لم تمتلك يده
عصا يعلو بها شبحا تقلد كل أوصافي
سوى روحي ووجداني
سوى قلبي وإيماني
أسائلها وأذكر دهرها الخالي
أزلزال أتى أهل القرى أم أنه البأس
بياتا بعد إمهال
فلا صخب ولا جرس
ولا شفة يقامرها على إحجامها همس
أتلك نبوءة العراف في أيامه الدهم
علام يبيت عن هرب ويقتدر
أم العراف أعشى إن جرى بالغائب القدر
فلا عجب
كأن بكل درب (شهريارُ) لتوه قد غادر الخدرا
بدا نشوانَ تسمع خلف جعجعة الكؤوس شجونه الحرى
فحينا يشتم الأصلاب لم تسفر عن الولد
وحينا يلعن الأحباب والأُلفا
ويحبك خطة أخرى من الكبد
ليقتل زوجه الألفا
فيعلم أنها حبلى بوارث عرشه الأبدي
فيرمقها على مضض
ويلمس بطنها المبقور في أسف وينتحب
وربك ما فعلت:
عذرا لانني سأقول:
وربك ما نفضت الدود عن أجياف موتاها
وقد هرعوا على رغم إلى الخلد
وإن قاءتهم الأجداث في الترعة
وإن شرعوا من الشكوى جراح الصدر أفواها
وإن مدوا حواشيَهم حبالا تسأل الرِّجعة
وربك ما نفضت الدود عن أجياف موتاها
ولا سقطت على خديَّ من دمعة
أليس الدود آكلهم؟
فويق الأرض أو تحتَ
أليست سنة الرزق؟
تقول : كرامة الموتى
فأين كرامة الأحياء تنهشهم يد الهون؟
وما مدت بسكين
لكم دين ولي ديني
صبأت بتلكم الشرعة
جرائر الورد:
يا شـفـيف الـفـؤاد مالـك تـبدو *** حائر الفكر بين يوم وأمس؟
طف على جـنة الخوالـي رويدا *** خاشع الخطو مثقلا بالتأسي
ثم سل عن جرائر الورد فيم انـ *** ـحبست اغـنـيـاته بعـد همس
تناجيني
تناجيني عيونك أن ازورا *** فهل ضمنت لواردها صدورا
فكم سلبت لحاظك من أمان*** أتــيـناها على قـدر سـرورا
وكم جلدت سياطك من ظهور*** فكيف إذا عبرت لها ثغورا
وفي ثكناتها كم من أسارى *** وقتلى ما رجوت لهم نشورا
دعيني كي أمرغ من مكاني *** بدمـعـك كـلما هطـلا غزيرا
رسالة إلى الأغنياء:
يا نازلا بـصـروح تكتسي العـاجــا *** ومشرعا كبره في رأسه تـاجـا
لا تأمن الدهـر إن أولاك حظــوته *** فــربـما سـره مـرآك مـحـتـاجــا
يـوما يريك فـتـات الخبـز أرغـفـة *** وتحسب الصوف والكتان ديباجا
فاشـكـر لـربـك نـُعــماه ونـعـمـتـه *** واسلك لذاتك غير الكبر منهاجـا
هل أمهل التبر في مصرٍ فراعنها*** أو خلد المال فوق الهـند مهراجـا
ذكرى صديق
رميم العظم والذكرى سواءُ
إذا سفـرت تكـفـلهـا العـراءُ
فإما الرمـل يكسوها خـفــاءً
وقد تبـقى فيــذروها الهـواءُ
وما ذكراي هاجـعة ولــكــن
عيون هواي أثقلها المـساءُ
حللت الروض لونا في زهور
نـدامـى نــورهـا حــاء وبــاءُ
أنقب عن قريـن في الخوالي
أدافــع ما تشــاء بـما أشــاءُ
فقيل الدهر قد نشـر الرزايا
وأضحى رهن غيهبها(علاءُ)
فليتك يا نوىً أزهقت روحي
ولم يفـجع فؤادي ذا البــلاءُ
ذكرتك يا أُخيُّ فباح شعري
وبــاء بـودك الـغــالي ولاءُ
أتذكر ســاعة كنـا ســويــا
وإسعـادا تعــجلـه انقضــاءُ؟
أقمنــا في غيابتــها منــارا
يشي بالخــلــد والدنـيا فناءُ
أسائل عنك لامـعة المرايا
ويرفـد ماء نبعتـنا الوفــاءُ
إذا كان الزمان أراك بؤسا
فحسبك من تصبرك الجزاءُ
فلا تطرق سوى باب الترجي
فخلف رتاجه يجثو الشــفاءُ
ولا تخشـع لواعـظة الليالي
فعـقب عظاتـها يقع الجــفاءُ
حلفت أصـارم الأيام دهـري
وإنــي مـن مُـخادنـها بــراءُ
فحسبي أن تطارحني الأماني
وأحسـب أن سيجـمعنا لــقـاءُ
__________________
أنا أكتب الشعر ..أنا موجود...
كاتب الشعر الشاعر حيدر محمد العامري