إذا أرادت حنان ترك أن ترتدى الحجاب فلترتده، وإذا أرادت أن تعزل التمثيل فلتفعل، وإذا أرادت أن تستثمر فى مشروع تجارى فلتستثمر ولتبع هى وصديقاتها الأشياء بأضعاف ثمنها الحقيقى مستغلة فى ذلك ما حققته من شهرة واسم لامع قبل أن «تتوب»! وأما أن تكون تجارتها باسم الدين وأن تفرض على تلك التجارة أطرا عنصرية تتعلق بفهم معين سطحى وخاطئ لها عن الدين تطبقه لتخرج لنا بنمط استفزازى عنصرى استغلالى فهو ما لا يمكن قبوله ولم نعهده فى مصر من قبل، وكان يجب على الفنانة التائبة أن تربأ بنفسها عنه.
القصة بدأت عندما انتشرت على عناوين البريد الإلكترونى رسالة إلكترونية مكتوبة باللغة الإنجليزية تم تداولها كوسيلة إعلان لترويج لمقهى جديد تملكه الممثلة المحجبة حنان ترك بالمشاركة مع زوجة ممثل مشهور، والترجمة الحرفية للرسالة تقول: أخيرا.. أصبح هناك مقهى تستطيع الفتيات والسيدات المسلمات الذهاب أو الخروج إليه! «صبايا كافيه»، مكان جميل تجدين فيه أفضل المأكولات والمشروبات، وليس فيه موسيقى ولا يسمح لغير البنات والسيدات المحجبات بالدخول إليه، لذلك هو مكان آمن للمنتقبات. «صبايا كافيه» تمتلكه حنان ترك وزوجة الفنان أحمد السقا!
«صبايا كافيه» مقهى وكوافير ويقدم لك كل ما تحتاج إليه المحجبة، سجاجيد للصلاة وهدايا. عنوان «صبايا كافيه» 6 شارع ميت غمر ميدان سفير مصر الجديدة، القاهرة. من مزايا «صبايا كافيه»: هو ملتقى للفتيات المسلمات المستعدات للتقرب من الله ويوفر لك فرصة توسيع دائرة صحبتك الصالحة! فى «صبايا كافيه» بإمكانك التصرف بحرية على راحتك بما فى ذلك خلع الحجاب أو النقاب. تستطيعين فى «صبايا كافيه» أن تتجنبى الخطايا فليس فيه غناء ولا تعرض فيه الأفلام، فقط أفلام كرتون والحفلات والعروض الدينية.
فى «صبايا كافيه» لديك فرصة للقاء حنان ترك! يتيح لك «صبايا كافيه» التمتع بفعل أشياء لن تتمكنى من فعلها فى أماكن أخرى من دون أن تغضبى الله! عموما «صبايا كافيه» سوف تكون مفيدة لك جدا من الناحيتين الدينية والدنيوية، فوجودك هناك سيجعلك تساعدين فى تغيير الصور الخاطئة عن المحجبات من عقود طويلة! ونرجو أولا ألا تصطحبى معك إلى «صبايا كافيه» فتيات مسيحيات لأنهن ممنوعات من دخوله، وثانيا عرض كل أصدقائك عليه لأن زيادة عدد رواد «صبايا كافيه» سوف يساعد «مُلاَّكه» على فتح فروع أخرى له إن شاء الله، فنحن فى أمس الحاجة إلى مكان يستوعبنا نحن معشر المحجبات والمنتقبات.
وأخيرا.. من فضلك فكرى جيدا قبل الذهاب إلى أى كافيه آخر غير «صبايا كافيه». هذا هو النص الذى تلقاه العديدون على بريدهم الإلكترونى، واضح جدا لقارئ الرسالة أن النص كله صياغة بلهاء لاستغلال تدين فنانة أو الاعتقاد بتدينها، تملك قدرا كبيرا من الشهرة، مع الأخذ فى الاعتبار أن معظم بنات مصر أصبحن محجبات، فهى عندما تنتقيهن كصفوة خصت بهن الكافيه دون غيرهن من السافرات فهى بذلك ضمنت أكبر قدر من الزبونات، وإلا فما المنطق فى الربط بين تجنب الخطايا وتجنب غضب الله والذهاب إلى مكان ليس به غناء وموسيقى، حيث افترضت الممثلة المحجبة أن الغناء والموسيقى حرام، وهذا يدل على فهم مشوش وازدواجية تعيش فيها حنان، فهى فى الوقت الذى تتلقى فيه عروضا لأفلام ومسلسلات ومازالت لديها النية فى تقديم أعمال بالحجاب، كما أكد لى أخوها حسام ترك، تحرم الموسيقى مع أن تلك الأعمال التى تنوى الاشتراك بها من المؤكد بها غناء وموسيقى حتى ولو فى «تيتر المسلسل» أو الفيلم الذى ستشارك فيه.
عندما ذهبنا إلى المكان تأكدنا أن المشروع ذو هدف تجارى بحت،وإن كان المكان فعلا فكرته جاءت للمنتقبات والمحجبات، حيث يذهبن لمكان يضمن فيه الجلوس والثرثرة مع أخواتهن، وكذلك إرضاء الله، وفى نفس الوقت يتربح أصحاب المكان ربحا ماديا وربحا أخرويا عند الله، حيث الثواب على مساعدة الفتيات على الجهاد والبعد عن الخطايا والرذائل! من الوهلة الأولى وقبل أن تدخل المكان تدرك أنك أمام نوع جديد من الكافيهات لم نعتده فى شوارعنا المتسامحة التى تسع الجميع، مقهى حنان ترك الذى هو للمحجبات فقط يحمل نوعا جديدا من العنصرية ويرسخ للفكر الدينى السطحى المتطرف الذى حول السيدات إلى محرمات محتجبات متخفيات، وعلى الأخوات الأخريات الاستفادة من هؤلاء المحجبات.
فى البداية تندهش عندما تجد اسم «الكافيه» مكتوبا باللغة الإنجليزية هكذا (Sabaya) وبجواره (Veiled... Beauty)، مما يدل على ازدواجية أصحاب هذا «الكافيه»، يقع الكافيه فى الدور الأرضى، وهو مكان مغلق تماما من الخارج لا يوجد حس ولا خبر.. حتى الشبابيك مدعمة بالستائر الكثيفة والباب مغلق، حيث تشعر أن المكان محصن ضد عدو ما، فهو بالطبع لابد أن يكون كذلك لكى يكون مكانا آمنا للمنتقبات والمحجبات من الذئاب البشرية التى قد تعتدى عليهن إذا كان المكان مفتوحا، أو تحاشيا لوزر الاختلاط برجال، وعليك أن تتعجب للطريقة التى يفكر بها هؤلاء لاعتقادهم الساذج أن التدين هو جلوس السيدات المحجبات فى مقهى بمفردهن! لكنك عندما تدخل وتتعرف عليهن تدرك أن اللافتة الدينية ليست سوى شعار، وإنما هى أشكال أخلاقية جديدة تسترن وراءها، فمعظم من بداخل المحل لسن من هؤلاء اللاتى يحملن أيديولوجية الحجاب أو الأخلاق، فهو مجرد شكل يعطيهن صبغة أخلاقية، ويمنحهن لقب الفضيلة والعفة، وسيتضح ذلك عندما نسرد جزءا من سلوكهن.
ليس الدخول من باب «صبايا كافيه» بالأمر السهل، فلابد أن تدق الجرس وتنتظر حتى يتأكد من بالداخل أنه ليس هناك رجل، وعلى الباب على غير العادة فى المكان من المفروض أنه مكان عام للجلوس ولتناول الطعام والمشروبات، فمثلا إذا كان هناك كوافير للمحجبات مغلق فهذا منطقى، أما أن يتحول الكافيه الذى من المفترض أنه مفتوح للجميع لمكان خاص بالسيدات المحجبات المغلق عليهن، فهذا قد يكون أى شىء، ولكن غير كافيه، ولكن الملاحظة التى لاحظتها عندما ذهبت لزيارة الكافيه أنهم لم يمنعوا دخول صديقتى غير المحجبة إلى المكان، على الرغم من أننى توقعت منعها بسبب الرسالة التى تحذر من ذلك، كما أن الأبواب المغلقة والستائر تنم عن جو انعزالى غامض، ولكن الأمر ليس كذلك من الداخل، فالبيزنس والاستفادة من الداخلات بأكبر قدر ممكن هو أساس التعامل مع السيدة أو الفتاة التى تدخل «الكافيه». كما اتضح لى أن تلك الهالة عن إعلان المحجبات بكوافير صبايا للمحجبات ما هو إلا استغلال لموجة الحجاب المنتشرة بين البنات، ولكن ما إن ذهبت إلى هناك ودققت الجرس ودخلت، فالجميع متساويات مادمن سيدفعن!
«صبايا كافيه» من الداخل بسيط جدا ليس بفخم كما أنه ضيق جدا، فهو عبارة عن جزءين سكشن للكافيه، وهى عبارة عن حجرة ضيقة تؤدى إلى زاوية صغيرة تقف فيها فتاتان تقومان بتجهيز المشروبات والمأكولات فيها، وفى الجانب الآخر من الحجرة أريكتان صغيرتان وكرسى، وبجوار الحجرة زاوية صغيرة توضع فيها المبيعات أو البضائع، وهى بضائع للمحجبات فقط، وفى الأيام العادية تباع فيها سجاجيد صلاة وإسدال وإيشاربات، ولكن فى اليوم الذى ذهبت فيه كان هناك (Open Day) أى يوم مفتوح، حيث تعرض مجموعة من الأخوات المحجبات من صديقات حنان بضاعتهن التى تخص المتدينات واللاتى يطمحن من بيعها إلى أن ينلن ثواب من سترتديها، بالإضافة إلى الأرباح أيضا، ففى هذا الركن الصغير جزء به «عباءات» سوداء فضفاضة للمحجبات، وجزء به إسدال وإيشاربات، وجزء به «حقائب»، وطاولة صغيرة فى المكان موضوع فيها إكسسوارات، وأوان مزركشة ومفارش، وركن به حذاءان فقط، هذا كله فى مكان ضيق لا يتعدى مترين فى مترين، كل تلك الأشياء توجد منها عينات قليلة، لكن لأن سعر العينة الواحدة يكفى، ويصل بين هذا السكشن والكوافير صالة مفتوحة ضيقة، أما الكوافير فهو أكثر اتساعا قليلا وليس هناك أى فرص للتجول أو الحركة أو أن يستوعب المكان أى أعداد قليلة جدا.
عندما دخلنا وجدنا حنان ترك تجلس لتتحدث مع هؤلاء العارضات، وعلمنا أن حنان لا تتواجد فى «الكافيه» بشكل يومى، لكنها ذهبت يوم الأربعاء الماضى خصيصا لدعم فكرة اليوم المفتوح، وتحقيق أكبر قدر من الرواج التجارى للفكرة.
ليس هذا فقط، بل إن بساطة المكان وعدم وجود أية خدمة مميزة به تجعلك تعرف من اللحظة الأولى أن مصدر دخل هذا المكان واستفادته هو فقط من أن حنان ترك هى مالكته، كما أن وجودها بالمكان سيغنى عن انتظارك لخدمة جيدة ومكان تستطيع أن تجلس فيه ببراح دون أن تكون مراقبا من عاملة البوفيه ومن بائعة الإكسسوارات ومن مديرة المكان ومن البنات الواقفات فى الاستقبال اللاتى يبعدن عن موضع جلوسهن بخطوتين، ومن عاملة الكوافير التى تتفرغ لمراقبتك إذا لم يكن لديها زبائن.
عندما دخلت أنا وصديقتى وجلسنا عرفنا أن معظم الموجودات فى المكان من صديقات حنان ومن العارضات والعاملات حتى من تدخل تكون من معارفهن. هممت لكى أسأل عن أسعار المعروضات قالت لى إحداهن: اطلبى حاجة الأول قبل ما تقومى، وأعطتنا قائمة بسلسلة كافيهات عالمية شهيرة لها فروع فى مختلف أنحاء القاهرة، وهى فروع عادية تفتح أبوابها لكل الناس دون تفرقة وتذيع الموسيقى الأوروبية الخفيفة، وكان من السهل أن نفهم أن «صبايا» هذا هو الفرع الإسلامى للكافيه العالمى، واكتشفت أن أسفل القائمة مكتوب «بوترى صبايا»، أى أن كافيه صبايا أخذ توكيلا من هذا الكافيه والمشروبات والمأكولات بنفس الأسعار، ولكن طبعا شتان بين الخدمة فى الكافيه العالمى الشهير غير المحجب وصبايا كافيه الذى هو للمحجبات فقط. أما الملاحظة الأساسية فهى أنه بسبب أن كل من بالمكان الصغير تعرف الأخرى فأى غريبة بالنسبة لهن تكون مصدر شك أو ريبة، فمثلا أنت لا تستطيعين أن تدخلى «صبايا كافيه» وتجلسى لفترة طويلة لأنهن يعرفن أنهن يمتلكن مكانا ضيقا والتى تأتى يكفى عليها أنها نالت شرف رؤية حنان ترك وشربت شيئا وأكلت شيئا. الغريب فى هذا المكان أن الدفع يكون مقدما قبل أن تأكلى أو تشربى، فهن يكتبن الشيك أولا وتدفعين ثم يأتى الـ (Order)، ثم ليس هناك منطق أن تجلسى إلا إذا اشتريت شيئا من المعروضات أو تعاملت مع الكوافير المجاور، وبخلاف ذلك فإن البقاء فى المكان ليس له معنى بالنسبة لإدارة المكان، أى أن العنوان كافيه ولكن الداخل مكان تدفعين فيه أكبر قدر من المال فى كل ركن من أركانه ثم تخرجين، وهكذا بمجرد أن تجلس «الزبونة» تجد من تسألهاعشرات الأسئلة: موش هتشربى حاجة؟! «موش هتشترى حاجة»، «موش هتعملى شعرك»؟! أما إذا كانت «الزبونة» محجبة فقيرة أو على باب الله فعليها أن تشرب المشروب وتكتفى بمشاهدة حنان ترك، لأن أقل عباءة فى المكان سعرها ألف جنيه! ولأننى كنت أريد أن أجلس أكبر وقت ممكن لكى أعرف مزيدا عن هذا المكان العجيب فقمت أنا وصديقتى لنسأل عن أسعار المعروضات، فوجدنا سعر الشنطة يصل إلى 600 جنيه، أما الحذاء فأيضاً بنفس السعر، والأكسسوار فأقل اكسسوار معروض ثمنه 550جنيها، فاتجهنا للعباءة السوداء فوجدنا سعرها ألف جنيه، وبعد التخفيض لك يمكن أن تأخذيها بـ 950 جنيها إذا أخذت معها إكسسوارات يعنى عباية وإكسسوار بألف ونصف! الغريب أن العباءة السوداء بسيطة جدا ولو اشترتها المحجبة من الخارج فلن تتعدى مائة أو مائتى جنيه! لكنها معروضة فى مكان يحمل اسم حنان ترك، وقد أدركت جيدا أن هذا هو ملخص حكاية «صبايا كافيه»، وفى هذه الأثناء كانت حنان ترك تقيس أمام المرآة إحدى العباءات كنوع من تشجيع الزبائن القليلات جدا فى الكافيه، والعارضات الأخريات يبدين استحسانهن الرهيب للعباءة التى لم يكن لها ملامح أو شكل على جسم حنان ترك النحيل، وعندما وجدت الجميع ينظر لى ولصديقتى ولست أنا فقط، بل كانت هناك فتاة أخرى واضح أنها زى حالتنا كانت تعامل بنفس القرف واللاذوق واللا أخلاق، فانتقلت للكوافيرة فوجدت نفس الأسعار الخرافية، وطلبنا «ساندويتشا» حتى يكون هناك مبرر لوجودنا، فإذا بواحدة من الزبونات أو البائعات الأرستقراطيات تقول لنا: انتو ليه سألتوا على كل حاجة ومشترتوش حاجة؟! قلنا لها لأن الأسعار غالية جدا، فردت بنظرة ذات دلالة وقالت: لماذا تأتين إلى هنا مادمتن فقيرات؟!.. بالمبلغ ده يبقى متقعدوش فى الكافيه، لكنها لم تكتف بذلك وظلت تتهامس مع الأخريات، ثم جاءت لنا مرة أخرى وقالت: إحنا آسفين، قالت هناخد بريك، أى راحة، «تعبانين» جدا، وأى واحدة غريبة عننا تطلع بره، ولأن أنا الوحيدة وصديقتى الغريبتان يبقى نطلع بره، فقلت لها: ولكننا دفعنا ثمن الغداء وننتظره، قالت: سنغلفه لكما وتأخذانه «تيك أواى» معكما، قلت لها: ولكننا ننتظر صديقات قادمات بالنقود من أجل أن نشترى عباءة، فقالت: مظهركن لا يدل على أنكما «بتوع شرا» مثل هذه الأشياء! فقلت لها: ولكن هذا كذب وأنتو محجبات والمفترض أنكن محترمات ومكتوب أن هذا مكان عام يفتح أبوابه «11 صباحا ويغلق 9 مساء»، وجلسنا على أريكة موضوعة فى الصالة الضيقة التى تصل الكافيه بالكوافير، لحظتها تأكدت أن كل من يدخلن هن من مستويات مرتفعة جدا وعلى علاقة جيدة بصاحبات المكان، وهن يتبعن الطريقة السعودية فى الزى، حيث يأتين من الخارج بالعباءات السوداء والحجاب الأسود، وفى داخل المكان يخلعن العباءات، فإذا بأحدث الموديلات من ملابس ضيقة وجينز وبادى، وعندما خرجت من الكافيه أنا وصديقتى وبعدما ابتعدنا قليلا وجدنا من العاملات المحجبات بالكافيه، بالإضافة إلى مديرة الكافيه المحجبة، يجرين خلفى ثم أمسكن بى واعتدين علىّ بالضرب وقمن بتمزيق حقيبة يدى بعنف شديد، ثم أخذن جهاز الموبايل من الحقيبة، ولاحظت أن هؤلاء الفتيات لديهن طاقة عنف غير عادية، وكان هذا الهجوم الإرهابى سببه أن واحدة منهن شكت أننى التقطت صورة للمكان من الخارج بكاميرا الموبايل، بعد ذلك أخذن الموبايل وجرين به فى الشارع، ودخلن مرة أخرى وأغلقن الباب! ولحظتها اتجهت للشرطة وحررت محضرتعد واستيلاء بالإكراه ضد الكافيه وصاحبته حنان ترك، وكان المحضر فى قسم النزهة برقم إدارى 13928 فانتقل الضابط حسن السيسى إليهن واعترفن بأنهن أخذن الموبايل وقلن له أنهن سيرجعنه له فى قسم الشرطة، وبعد فترة جاء الأستاذ حسام ترك أخو حنان وأ. خالد «خال حنان» ومعهما الموبايل، وقد باشر العقيد طه فودة - رئيس مباحث النزهة - الإجراءات وقال لى أ. خالد «خال حنان ترك» أنه لم يأت بالموبايل إلا بعد أن تحرى عنى جيدا! وعرف كل شىء عنى لدرجة أنه قال لى معلومات خاصة عن ميعاد انتقالى من آخر سكن إلى سكن جديد، والتحقيقات التى نشرتها فى «روزاليوسف» وقال لى أنه رغب فى التأكد من أننى صحفية، وهنا رد أخو حنان ترك أنهم شكوا أن تكون هناك منظمات مسيحية تحاول الضرب فى الكافيه! لأن هناك أناسا أنشأوا موقعا يضرب فى كافيه حنان ترك، وكذلك المجلة التى أنشأتها وصدر منها مؤخرا عددها الثامن «مجلة نونا»!
الواقعة البسيطة تلك تؤكد أن هؤلاء السيدات اللاتى ابتدعن شكلا جديدا من الكافيات لن يدركن خطورته إلا إذا تحول المجتمع إلى جزر منعزلة للمحجبات وللمنتقبات وآخر للمسيحيات بكل طائفة منهن وواحدة للرجال المسلمين وواحدة للرجال المسيحيين، لحظتها سنتخيل فقط حجم الكارثة.
قال لى حسام ترك أخو حنان إن حنان عندما امتنعت عن العمل فى الفن لم تستطع أن تجلس طويلا فى المنزل لأنها تعودت على العمل المتواصل فقامت بإنشاء المجلة «نونا» التى تقضى فيها معظم أيام الأسبوع ما عدا يومين، وكذلك هذا الكافيه الذى بدأت إعداده منذ سنة، ولكن تم افتتاحه من ستة شهور، وليس بهدف التربح ولكن لقضاء الوقت به، وقد سألته عن منع السيدات المسيحيات من دخول هذا الكافيه، فقال: إن هذا تحريف فى الرسالة الإلكترونية! ثم عاد ليقول أن فكرة الكافيه جاءت من حنان وأخواتها المحجبات، وكانت الفكرة فى الأساس للمحجبات والمنتقبات، لكن المسيحيات وغير المحجبات مسموح لهن بالدخول والشراء والأكل عادى، ولكن لا يقمن بتصفيف شعرهن فى الكوافير لأن غير المحجبات المسلمات والمسيحيات إذا عملن شعرهن فى كوافير صبايا سيخرجن فى الشارع به وسيراه الرجال فتحمل حنان ترك وصبايا وزرهن، أما المحجبات فإذا صففن شعرهن فلن يظهرن إلا على محارمهن فلا وزر، وسألته عن مها الصغير زوجة الفنان أحمد السقا فقال: إن مها الصغير فضت الشركة مع حنان ترك فى هذا الكافيه.
وقال: إن سبب الخلاف أن مها كانت تريد أن نصفف شعر غير المحجبة والمسيحية مثل والدها، صاحب مراكز التجميل الشهيرة «محمد الصغير» وحنان رفضت ذلك، لأن فكرة المشروع فى الأساس للمحجبات والمنتقبات
القصة بدأت عندما انتشرت على عناوين البريد الإلكترونى رسالة إلكترونية مكتوبة باللغة الإنجليزية تم تداولها كوسيلة إعلان لترويج لمقهى جديد تملكه الممثلة المحجبة حنان ترك بالمشاركة مع زوجة ممثل مشهور، والترجمة الحرفية للرسالة تقول: أخيرا.. أصبح هناك مقهى تستطيع الفتيات والسيدات المسلمات الذهاب أو الخروج إليه! «صبايا كافيه»، مكان جميل تجدين فيه أفضل المأكولات والمشروبات، وليس فيه موسيقى ولا يسمح لغير البنات والسيدات المحجبات بالدخول إليه، لذلك هو مكان آمن للمنتقبات. «صبايا كافيه» تمتلكه حنان ترك وزوجة الفنان أحمد السقا!
«صبايا كافيه» مقهى وكوافير ويقدم لك كل ما تحتاج إليه المحجبة، سجاجيد للصلاة وهدايا. عنوان «صبايا كافيه» 6 شارع ميت غمر ميدان سفير مصر الجديدة، القاهرة. من مزايا «صبايا كافيه»: هو ملتقى للفتيات المسلمات المستعدات للتقرب من الله ويوفر لك فرصة توسيع دائرة صحبتك الصالحة! فى «صبايا كافيه» بإمكانك التصرف بحرية على راحتك بما فى ذلك خلع الحجاب أو النقاب. تستطيعين فى «صبايا كافيه» أن تتجنبى الخطايا فليس فيه غناء ولا تعرض فيه الأفلام، فقط أفلام كرتون والحفلات والعروض الدينية.
فى «صبايا كافيه» لديك فرصة للقاء حنان ترك! يتيح لك «صبايا كافيه» التمتع بفعل أشياء لن تتمكنى من فعلها فى أماكن أخرى من دون أن تغضبى الله! عموما «صبايا كافيه» سوف تكون مفيدة لك جدا من الناحيتين الدينية والدنيوية، فوجودك هناك سيجعلك تساعدين فى تغيير الصور الخاطئة عن المحجبات من عقود طويلة! ونرجو أولا ألا تصطحبى معك إلى «صبايا كافيه» فتيات مسيحيات لأنهن ممنوعات من دخوله، وثانيا عرض كل أصدقائك عليه لأن زيادة عدد رواد «صبايا كافيه» سوف يساعد «مُلاَّكه» على فتح فروع أخرى له إن شاء الله، فنحن فى أمس الحاجة إلى مكان يستوعبنا نحن معشر المحجبات والمنتقبات.
وأخيرا.. من فضلك فكرى جيدا قبل الذهاب إلى أى كافيه آخر غير «صبايا كافيه». هذا هو النص الذى تلقاه العديدون على بريدهم الإلكترونى، واضح جدا لقارئ الرسالة أن النص كله صياغة بلهاء لاستغلال تدين فنانة أو الاعتقاد بتدينها، تملك قدرا كبيرا من الشهرة، مع الأخذ فى الاعتبار أن معظم بنات مصر أصبحن محجبات، فهى عندما تنتقيهن كصفوة خصت بهن الكافيه دون غيرهن من السافرات فهى بذلك ضمنت أكبر قدر من الزبونات، وإلا فما المنطق فى الربط بين تجنب الخطايا وتجنب غضب الله والذهاب إلى مكان ليس به غناء وموسيقى، حيث افترضت الممثلة المحجبة أن الغناء والموسيقى حرام، وهذا يدل على فهم مشوش وازدواجية تعيش فيها حنان، فهى فى الوقت الذى تتلقى فيه عروضا لأفلام ومسلسلات ومازالت لديها النية فى تقديم أعمال بالحجاب، كما أكد لى أخوها حسام ترك، تحرم الموسيقى مع أن تلك الأعمال التى تنوى الاشتراك بها من المؤكد بها غناء وموسيقى حتى ولو فى «تيتر المسلسل» أو الفيلم الذى ستشارك فيه.
عندما ذهبنا إلى المكان تأكدنا أن المشروع ذو هدف تجارى بحت،وإن كان المكان فعلا فكرته جاءت للمنتقبات والمحجبات، حيث يذهبن لمكان يضمن فيه الجلوس والثرثرة مع أخواتهن، وكذلك إرضاء الله، وفى نفس الوقت يتربح أصحاب المكان ربحا ماديا وربحا أخرويا عند الله، حيث الثواب على مساعدة الفتيات على الجهاد والبعد عن الخطايا والرذائل! من الوهلة الأولى وقبل أن تدخل المكان تدرك أنك أمام نوع جديد من الكافيهات لم نعتده فى شوارعنا المتسامحة التى تسع الجميع، مقهى حنان ترك الذى هو للمحجبات فقط يحمل نوعا جديدا من العنصرية ويرسخ للفكر الدينى السطحى المتطرف الذى حول السيدات إلى محرمات محتجبات متخفيات، وعلى الأخوات الأخريات الاستفادة من هؤلاء المحجبات.
فى البداية تندهش عندما تجد اسم «الكافيه» مكتوبا باللغة الإنجليزية هكذا (Sabaya) وبجواره (Veiled... Beauty)، مما يدل على ازدواجية أصحاب هذا «الكافيه»، يقع الكافيه فى الدور الأرضى، وهو مكان مغلق تماما من الخارج لا يوجد حس ولا خبر.. حتى الشبابيك مدعمة بالستائر الكثيفة والباب مغلق، حيث تشعر أن المكان محصن ضد عدو ما، فهو بالطبع لابد أن يكون كذلك لكى يكون مكانا آمنا للمنتقبات والمحجبات من الذئاب البشرية التى قد تعتدى عليهن إذا كان المكان مفتوحا، أو تحاشيا لوزر الاختلاط برجال، وعليك أن تتعجب للطريقة التى يفكر بها هؤلاء لاعتقادهم الساذج أن التدين هو جلوس السيدات المحجبات فى مقهى بمفردهن! لكنك عندما تدخل وتتعرف عليهن تدرك أن اللافتة الدينية ليست سوى شعار، وإنما هى أشكال أخلاقية جديدة تسترن وراءها، فمعظم من بداخل المحل لسن من هؤلاء اللاتى يحملن أيديولوجية الحجاب أو الأخلاق، فهو مجرد شكل يعطيهن صبغة أخلاقية، ويمنحهن لقب الفضيلة والعفة، وسيتضح ذلك عندما نسرد جزءا من سلوكهن.
ليس الدخول من باب «صبايا كافيه» بالأمر السهل، فلابد أن تدق الجرس وتنتظر حتى يتأكد من بالداخل أنه ليس هناك رجل، وعلى الباب على غير العادة فى المكان من المفروض أنه مكان عام للجلوس ولتناول الطعام والمشروبات، فمثلا إذا كان هناك كوافير للمحجبات مغلق فهذا منطقى، أما أن يتحول الكافيه الذى من المفترض أنه مفتوح للجميع لمكان خاص بالسيدات المحجبات المغلق عليهن، فهذا قد يكون أى شىء، ولكن غير كافيه، ولكن الملاحظة التى لاحظتها عندما ذهبت لزيارة الكافيه أنهم لم يمنعوا دخول صديقتى غير المحجبة إلى المكان، على الرغم من أننى توقعت منعها بسبب الرسالة التى تحذر من ذلك، كما أن الأبواب المغلقة والستائر تنم عن جو انعزالى غامض، ولكن الأمر ليس كذلك من الداخل، فالبيزنس والاستفادة من الداخلات بأكبر قدر ممكن هو أساس التعامل مع السيدة أو الفتاة التى تدخل «الكافيه». كما اتضح لى أن تلك الهالة عن إعلان المحجبات بكوافير صبايا للمحجبات ما هو إلا استغلال لموجة الحجاب المنتشرة بين البنات، ولكن ما إن ذهبت إلى هناك ودققت الجرس ودخلت، فالجميع متساويات مادمن سيدفعن!
«صبايا كافيه» من الداخل بسيط جدا ليس بفخم كما أنه ضيق جدا، فهو عبارة عن جزءين سكشن للكافيه، وهى عبارة عن حجرة ضيقة تؤدى إلى زاوية صغيرة تقف فيها فتاتان تقومان بتجهيز المشروبات والمأكولات فيها، وفى الجانب الآخر من الحجرة أريكتان صغيرتان وكرسى، وبجوار الحجرة زاوية صغيرة توضع فيها المبيعات أو البضائع، وهى بضائع للمحجبات فقط، وفى الأيام العادية تباع فيها سجاجيد صلاة وإسدال وإيشاربات، ولكن فى اليوم الذى ذهبت فيه كان هناك (Open Day) أى يوم مفتوح، حيث تعرض مجموعة من الأخوات المحجبات من صديقات حنان بضاعتهن التى تخص المتدينات واللاتى يطمحن من بيعها إلى أن ينلن ثواب من سترتديها، بالإضافة إلى الأرباح أيضا، ففى هذا الركن الصغير جزء به «عباءات» سوداء فضفاضة للمحجبات، وجزء به إسدال وإيشاربات، وجزء به «حقائب»، وطاولة صغيرة فى المكان موضوع فيها إكسسوارات، وأوان مزركشة ومفارش، وركن به حذاءان فقط، هذا كله فى مكان ضيق لا يتعدى مترين فى مترين، كل تلك الأشياء توجد منها عينات قليلة، لكن لأن سعر العينة الواحدة يكفى، ويصل بين هذا السكشن والكوافير صالة مفتوحة ضيقة، أما الكوافير فهو أكثر اتساعا قليلا وليس هناك أى فرص للتجول أو الحركة أو أن يستوعب المكان أى أعداد قليلة جدا.
عندما دخلنا وجدنا حنان ترك تجلس لتتحدث مع هؤلاء العارضات، وعلمنا أن حنان لا تتواجد فى «الكافيه» بشكل يومى، لكنها ذهبت يوم الأربعاء الماضى خصيصا لدعم فكرة اليوم المفتوح، وتحقيق أكبر قدر من الرواج التجارى للفكرة.
ليس هذا فقط، بل إن بساطة المكان وعدم وجود أية خدمة مميزة به تجعلك تعرف من اللحظة الأولى أن مصدر دخل هذا المكان واستفادته هو فقط من أن حنان ترك هى مالكته، كما أن وجودها بالمكان سيغنى عن انتظارك لخدمة جيدة ومكان تستطيع أن تجلس فيه ببراح دون أن تكون مراقبا من عاملة البوفيه ومن بائعة الإكسسوارات ومن مديرة المكان ومن البنات الواقفات فى الاستقبال اللاتى يبعدن عن موضع جلوسهن بخطوتين، ومن عاملة الكوافير التى تتفرغ لمراقبتك إذا لم يكن لديها زبائن.
عندما دخلت أنا وصديقتى وجلسنا عرفنا أن معظم الموجودات فى المكان من صديقات حنان ومن العارضات والعاملات حتى من تدخل تكون من معارفهن. هممت لكى أسأل عن أسعار المعروضات قالت لى إحداهن: اطلبى حاجة الأول قبل ما تقومى، وأعطتنا قائمة بسلسلة كافيهات عالمية شهيرة لها فروع فى مختلف أنحاء القاهرة، وهى فروع عادية تفتح أبوابها لكل الناس دون تفرقة وتذيع الموسيقى الأوروبية الخفيفة، وكان من السهل أن نفهم أن «صبايا» هذا هو الفرع الإسلامى للكافيه العالمى، واكتشفت أن أسفل القائمة مكتوب «بوترى صبايا»، أى أن كافيه صبايا أخذ توكيلا من هذا الكافيه والمشروبات والمأكولات بنفس الأسعار، ولكن طبعا شتان بين الخدمة فى الكافيه العالمى الشهير غير المحجب وصبايا كافيه الذى هو للمحجبات فقط. أما الملاحظة الأساسية فهى أنه بسبب أن كل من بالمكان الصغير تعرف الأخرى فأى غريبة بالنسبة لهن تكون مصدر شك أو ريبة، فمثلا أنت لا تستطيعين أن تدخلى «صبايا كافيه» وتجلسى لفترة طويلة لأنهن يعرفن أنهن يمتلكن مكانا ضيقا والتى تأتى يكفى عليها أنها نالت شرف رؤية حنان ترك وشربت شيئا وأكلت شيئا. الغريب فى هذا المكان أن الدفع يكون مقدما قبل أن تأكلى أو تشربى، فهن يكتبن الشيك أولا وتدفعين ثم يأتى الـ (Order)، ثم ليس هناك منطق أن تجلسى إلا إذا اشتريت شيئا من المعروضات أو تعاملت مع الكوافير المجاور، وبخلاف ذلك فإن البقاء فى المكان ليس له معنى بالنسبة لإدارة المكان، أى أن العنوان كافيه ولكن الداخل مكان تدفعين فيه أكبر قدر من المال فى كل ركن من أركانه ثم تخرجين، وهكذا بمجرد أن تجلس «الزبونة» تجد من تسألهاعشرات الأسئلة: موش هتشربى حاجة؟! «موش هتشترى حاجة»، «موش هتعملى شعرك»؟! أما إذا كانت «الزبونة» محجبة فقيرة أو على باب الله فعليها أن تشرب المشروب وتكتفى بمشاهدة حنان ترك، لأن أقل عباءة فى المكان سعرها ألف جنيه! ولأننى كنت أريد أن أجلس أكبر وقت ممكن لكى أعرف مزيدا عن هذا المكان العجيب فقمت أنا وصديقتى لنسأل عن أسعار المعروضات، فوجدنا سعر الشنطة يصل إلى 600 جنيه، أما الحذاء فأيضاً بنفس السعر، والأكسسوار فأقل اكسسوار معروض ثمنه 550جنيها، فاتجهنا للعباءة السوداء فوجدنا سعرها ألف جنيه، وبعد التخفيض لك يمكن أن تأخذيها بـ 950 جنيها إذا أخذت معها إكسسوارات يعنى عباية وإكسسوار بألف ونصف! الغريب أن العباءة السوداء بسيطة جدا ولو اشترتها المحجبة من الخارج فلن تتعدى مائة أو مائتى جنيه! لكنها معروضة فى مكان يحمل اسم حنان ترك، وقد أدركت جيدا أن هذا هو ملخص حكاية «صبايا كافيه»، وفى هذه الأثناء كانت حنان ترك تقيس أمام المرآة إحدى العباءات كنوع من تشجيع الزبائن القليلات جدا فى الكافيه، والعارضات الأخريات يبدين استحسانهن الرهيب للعباءة التى لم يكن لها ملامح أو شكل على جسم حنان ترك النحيل، وعندما وجدت الجميع ينظر لى ولصديقتى ولست أنا فقط، بل كانت هناك فتاة أخرى واضح أنها زى حالتنا كانت تعامل بنفس القرف واللاذوق واللا أخلاق، فانتقلت للكوافيرة فوجدت نفس الأسعار الخرافية، وطلبنا «ساندويتشا» حتى يكون هناك مبرر لوجودنا، فإذا بواحدة من الزبونات أو البائعات الأرستقراطيات تقول لنا: انتو ليه سألتوا على كل حاجة ومشترتوش حاجة؟! قلنا لها لأن الأسعار غالية جدا، فردت بنظرة ذات دلالة وقالت: لماذا تأتين إلى هنا مادمتن فقيرات؟!.. بالمبلغ ده يبقى متقعدوش فى الكافيه، لكنها لم تكتف بذلك وظلت تتهامس مع الأخريات، ثم جاءت لنا مرة أخرى وقالت: إحنا آسفين، قالت هناخد بريك، أى راحة، «تعبانين» جدا، وأى واحدة غريبة عننا تطلع بره، ولأن أنا الوحيدة وصديقتى الغريبتان يبقى نطلع بره، فقلت لها: ولكننا دفعنا ثمن الغداء وننتظره، قالت: سنغلفه لكما وتأخذانه «تيك أواى» معكما، قلت لها: ولكننا ننتظر صديقات قادمات بالنقود من أجل أن نشترى عباءة، فقالت: مظهركن لا يدل على أنكما «بتوع شرا» مثل هذه الأشياء! فقلت لها: ولكن هذا كذب وأنتو محجبات والمفترض أنكن محترمات ومكتوب أن هذا مكان عام يفتح أبوابه «11 صباحا ويغلق 9 مساء»، وجلسنا على أريكة موضوعة فى الصالة الضيقة التى تصل الكافيه بالكوافير، لحظتها تأكدت أن كل من يدخلن هن من مستويات مرتفعة جدا وعلى علاقة جيدة بصاحبات المكان، وهن يتبعن الطريقة السعودية فى الزى، حيث يأتين من الخارج بالعباءات السوداء والحجاب الأسود، وفى داخل المكان يخلعن العباءات، فإذا بأحدث الموديلات من ملابس ضيقة وجينز وبادى، وعندما خرجت من الكافيه أنا وصديقتى وبعدما ابتعدنا قليلا وجدنا من العاملات المحجبات بالكافيه، بالإضافة إلى مديرة الكافيه المحجبة، يجرين خلفى ثم أمسكن بى واعتدين علىّ بالضرب وقمن بتمزيق حقيبة يدى بعنف شديد، ثم أخذن جهاز الموبايل من الحقيبة، ولاحظت أن هؤلاء الفتيات لديهن طاقة عنف غير عادية، وكان هذا الهجوم الإرهابى سببه أن واحدة منهن شكت أننى التقطت صورة للمكان من الخارج بكاميرا الموبايل، بعد ذلك أخذن الموبايل وجرين به فى الشارع، ودخلن مرة أخرى وأغلقن الباب! ولحظتها اتجهت للشرطة وحررت محضرتعد واستيلاء بالإكراه ضد الكافيه وصاحبته حنان ترك، وكان المحضر فى قسم النزهة برقم إدارى 13928 فانتقل الضابط حسن السيسى إليهن واعترفن بأنهن أخذن الموبايل وقلن له أنهن سيرجعنه له فى قسم الشرطة، وبعد فترة جاء الأستاذ حسام ترك أخو حنان وأ. خالد «خال حنان» ومعهما الموبايل، وقد باشر العقيد طه فودة - رئيس مباحث النزهة - الإجراءات وقال لى أ. خالد «خال حنان ترك» أنه لم يأت بالموبايل إلا بعد أن تحرى عنى جيدا! وعرف كل شىء عنى لدرجة أنه قال لى معلومات خاصة عن ميعاد انتقالى من آخر سكن إلى سكن جديد، والتحقيقات التى نشرتها فى «روزاليوسف» وقال لى أنه رغب فى التأكد من أننى صحفية، وهنا رد أخو حنان ترك أنهم شكوا أن تكون هناك منظمات مسيحية تحاول الضرب فى الكافيه! لأن هناك أناسا أنشأوا موقعا يضرب فى كافيه حنان ترك، وكذلك المجلة التى أنشأتها وصدر منها مؤخرا عددها الثامن «مجلة نونا»!
الواقعة البسيطة تلك تؤكد أن هؤلاء السيدات اللاتى ابتدعن شكلا جديدا من الكافيات لن يدركن خطورته إلا إذا تحول المجتمع إلى جزر منعزلة للمحجبات وللمنتقبات وآخر للمسيحيات بكل طائفة منهن وواحدة للرجال المسلمين وواحدة للرجال المسيحيين، لحظتها سنتخيل فقط حجم الكارثة.
قال لى حسام ترك أخو حنان إن حنان عندما امتنعت عن العمل فى الفن لم تستطع أن تجلس طويلا فى المنزل لأنها تعودت على العمل المتواصل فقامت بإنشاء المجلة «نونا» التى تقضى فيها معظم أيام الأسبوع ما عدا يومين، وكذلك هذا الكافيه الذى بدأت إعداده منذ سنة، ولكن تم افتتاحه من ستة شهور، وليس بهدف التربح ولكن لقضاء الوقت به، وقد سألته عن منع السيدات المسيحيات من دخول هذا الكافيه، فقال: إن هذا تحريف فى الرسالة الإلكترونية! ثم عاد ليقول أن فكرة الكافيه جاءت من حنان وأخواتها المحجبات، وكانت الفكرة فى الأساس للمحجبات والمنتقبات، لكن المسيحيات وغير المحجبات مسموح لهن بالدخول والشراء والأكل عادى، ولكن لا يقمن بتصفيف شعرهن فى الكوافير لأن غير المحجبات المسلمات والمسيحيات إذا عملن شعرهن فى كوافير صبايا سيخرجن فى الشارع به وسيراه الرجال فتحمل حنان ترك وصبايا وزرهن، أما المحجبات فإذا صففن شعرهن فلن يظهرن إلا على محارمهن فلا وزر، وسألته عن مها الصغير زوجة الفنان أحمد السقا فقال: إن مها الصغير فضت الشركة مع حنان ترك فى هذا الكافيه.
وقال: إن سبب الخلاف أن مها كانت تريد أن نصفف شعر غير المحجبة والمسيحية مثل والدها، صاحب مراكز التجميل الشهيرة «محمد الصغير» وحنان رفضت ذلك، لأن فكرة المشروع فى الأساس للمحجبات والمنتقبات